إن بيئة العمل تُعد من اكثر الأماكن التي يقضي فيها الفرد وقته، فمعظمنا يقضي اغلب ساعات يومه في العمل، وفي خلال العقود الأخيره تغيرت مسيره بيئة العمل حيث اصبحت اكثر سهوله عن العقود الماضية وذلك بفعل التكنولوجيا التي سهلت العمل حيث جعلت من الممكن إتمام العمل سواء في الليل أو النهار وذلك من المنزل عن طريق الإنترنت، ومما لاشك فيه ان بيئات العمل في الوقت الحالي تسعي وتتنافس الي الحصول علي التطوير المهني وتوسيع الشبكات  ولكن وتيره التغيير والإبتكار هذه لا تراعي الصحة والسلامة النفسية للافراد مما يؤدي الي مشاكل نفسية وصحية، لذلك علينا هنا أن نسعي للتعرف علي ماهي الصحة النفسية وماهي اهميتها للأفراد في بيئة العمل ؟

تُعد الصحة النفسية من العناصر الأساسية لتحقيق التوافق والرضا الوظيفي(المهني)، لذلك فان الصحة النفسية في مكان العمل هي حالة من الراحة والإستقرار النفسي التي تُمكن الافراد من التعامل بشكل قوي وفعال مع المهام المؤكلة اليهم والتحديات، كما ان الصحة النفسية تؤثر علي الإنتاجية وتلعب دور هام في تحقيق أهداف بيئة العمل.

أهمية الصحة النفسية في مكان العمل

تلعب الصحة النفسية دوراً هام في بيئة العمل حيث تقوم بالاتي:

1- زيادة الأداء والإنتاج: حيث ان الموظفين الذين لديهم صحة نفسية يتميزون بالأداء المهني القوي فضلاً عن هؤلاء الذين يعانون من التوتر والقلق، حيث أن الصحة النفسية الجيدة تؤدي الي زيادة الكفاءة والإنتاجية.

2- تحسين العلاقات بين الاشخاص: ان توافر الصحة النفسية في بيئة العمل تعمل علي تسهيل التواصل والتعاون بين الزملاء.

3- زيادة الرضا الوظيفي: تتضح أهمية الصحة النفسية هنا حيث أن الأفراد الذين لديهم شعور بالراحة النفسية أكثر رضا عن وظائفهم.

4- قله الغياب عن العمل: أثبتت بعض الدراسات من بعض المنظمات العالمية أن دعم الصحة النفسية وتعزيزها يقلل من الغياب عن العمل حيث أن الافراد الذيت يتمتعون بالصحة النفسية لديهم قدرة علي تحمل ضغوطات العمل مما يقلل من اصابتهم بالاجهاد وضغوطات العمل فيقلل من الغياب.

5- تحفيز الابتكار والإبداع: إن الصحة النفسية تعزز من مستوي الابتكار والإبداع لدي الافراد، حيث أن الصحة النفسية  تساعد الاشخاص علي التفكير والابتكار بشكل اكثر مرونة مما يؤدي الي توليد افكار جديدة.

6- زيادة الإنتماء والمحبة للمنظمة: إن الأشخاص الذين يحصلون علي الدعم والتعزيز النفسي يكونون اكثر ولاء ومحبة لمكان العمل الخاص بهم عن هؤلاء الذين يشعرون بالضغط النفسي. 

وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثر علي الصحة النفسية في بيئة العمل ومنها

1- العلاقات السيئة: إن توتر العلاقات بين الزملاء أو الإدارة في العمل يؤدي الي الضغط ويؤدي الي سوء الحالة النفسية للموظفين، مما يؤدي الي فقدان الثقة بين الجميع وضعف قدرة الفريق علي التواصل والإنتاج.

2- وضع الفرد في مكان عمله: بعض المؤسسات لا تهتم مطلقا بوضع الموظفين داخل العمل ولا تهتم بتوفير ما يمدهم بالراحة والصحة النفسية، فعلي سبيل المثال نجد أن الأفراد الذين يقضون وقتا طويلا في العمل يجيب ان يوفر لهم أثاث مريح ألوان هادئة مريحة وهكذا .

3- الضغط المستمر: ان الضغوطات المستمرة في العمل اذا زادت عن الحد المعقول لها فنجد أن لها تاثير سلبي علي الصحة والراحة النفسية للافراد وتودي الي الانتاجية المنخفضة في العمل.

4-  عدم وضوح المهام: إن غياب وضوح المهام او التوقعات يمكن ان يؤدي بالفرد الي الشعور بالتوتر او الارتباك.

كيف يمكن تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل

1- توفير التعزيز والدعم النفسي : إن توفير الدعم النفسي في بيئة العمل يؤدي الي زيادة الصحة النفسية للافراد وبالتالي التحمس للعمل وبالتالي زيادة الإنتاج.

2- منح الافراد ساعات عمل مرنه: تعني ان الافراد في حياتهم الشخصية تزداد مسئولياتهم وضغوطاتهم فتؤثر علي صحتهم النفسية وبالتالي فان توفير ساعات عمل اضافية اختيارية تمكن الافراد من توفير احتياجتهم الشخصية.

3- تقدير وشكر الموظفين: إن شكر المدراء للموظفين علي مجهودهم في العمل مع الاعتراف بجهدهم المبذول يؤدي الي تعزيز الصحة النفسية للموظفين وبالتالي زيادة الإنتاجية في العمل.

 4- الإيجابية في حل مشاكل العمل: يجب ان تسعي المؤسسات لحل مشاكل العمل بشكل ايجابي وخصوصا عند ارتكاب الموظفين بعض الاخطاء في العمل، مع السعي الي عدم توبيخ الموظفين امام زملائهم حتي لا تتاثر صحتهم النفسية وبالتالي التاثير علي العمل.

5- الإستماع الي الموظفين جيدا: يجب ان تُتاح فرصة للموظفين للتحدث عن انفسهم وعن افكارهم مع الاستفادة من ملاحظاتهم حول التطوير مع وضع تغييرات ايجابية في سياسة العمل.

ختاماً لما سبق فنجد ان توافر الصحة النفسية في مكان العمل من اهم عناصر النجاح وتحقيق الرضا والنجاح المهني، إلي جانب ان الإستثمار في الصحة النفسية يؤدي الي جعل بيئة العمل بيئة صحية ومنتجة، الي جانب ان الشرؤكات والمؤسسات لها القدرة علي تعزيز الصحة النفسية للموظفين بشكل قوي وفعال مما يعود عليهم بزيادة الإنتاجية، حيث ان الفرد الذي يشعر بالصحة النفسية في مكان عمله لا يساهم فقد بجهودة بل يسعي الي نجاح المنظمة باكملها، لذلك نجد ان الاهتمام والاستثمار في الصحة النفسية يعد استثمار لمستقبل اكثر تطور واشراق للمؤسسة والعاملين بها.